ترى جينا أبركرومبي وينستانلي أن السؤال الأكبر الذي يواجه الشرق الأوسط منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 هو: ما الظروف أو الضغوط أو التنازلات التي قد تساعد المنطقة على كسر دوامة العنف؟ انعقدت قمة عربية إسلامية طارئة في الدوحة يوم 15 سبتمبر بعد الضربة الإسرائيلية غير المسبوقة ضد قيادات حماس هناك، ما أثار توقعات بأن تصوغ الدول المشاركة موقفاً أكثر صرامة تجاه إسرائيل، غير أن القمة خرجت دون قرارات عملية، لكنها زرعت بذرة لتحرك قادم.

أكد أتلانتيك كآونسل أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اختار على مدى العامين الماضيين أن يتجنب المفاوضات الدبلوماسية ويسلك طريق القوة العسكرية لضمان أمن إسرائيل ومستقبله السياسي. قصف الجيش الإسرائيلي قوات حزب الله والحوثيين والإيرانيين بذريعة الدفاع عن النفس، وضرب السوريين ودمّر قطاع غزة، وأشرف على سياسة قتلت عشرات الآلاف من المدنيين وكرّست خطوات لمنع إقامة دولة فلسطينية، فيما بقي رهائن إسرائيليون محتجزين رغم الوعود.

في المقابل، واصل الرؤساء الأميركيون تقديم دعم واسع لنتنياهو. الرئيس دونالد ترامب ساعد بداية 2025 على فرض وقف إطلاق نار في غزة، ثم أنهى التصعيد مع إيران، لكنه ترك لإسرائيل حرية واسعة في غزة والضفة. هذا الموقف الأميركي أضعف فرص السلام، بينما اعتبره كثيرون جزءاً من المشكلة لا الحل.

لكن ضربة إسرائيل في الدوحة قلبت المشهد. هذه العملية قوّضت المفاوضات الخاصة بوقف إطلاق النار وأضعفت فرص إطلاق سراح الرهائن، وأحرجت قطر والولايات المتحدة والإمارات والبحرين، بل وعرّضت مصداقية القانون الدولي للخطر. الإدانات شبه الموحدة للعملية أوضحت أنها قد تكون نقطة تحول تكسر غرور إسرائيل وهيمنتها الإقليمية.

ترى الكاتبة أن الولايات المتحدة لن تقود هذا التغيير، إذ وضع نتنياهو ترامب في موقف شبيه بسابقيه من بايدن إلى بوش الأب، كلهم عجزوا عن إخراج المنطقة من العنف المستمر. زيارة وزير الخارجية ماركو روبيو لتل أبيب في يوم القمة عكست استهانة واشنطن بالتحرك العربي.

لكن القمة أظهرت أن الدول العربية تملك أوراق ضغط لم تستخدمها بعد. على مدى عامين، ساعدت بعض الدول إسرائيل في الدفاع ضد إيران، وفتحت أجواءها أمام الطائرات الإسرائيلية، وحافظت على علاقات اقتصادية واستثمارية متنامية رغم المجازر في غزة. بعد الضربة على الدوحة، بات صعباً على هذه الدول تبرير تعاونها مع إسرائيل أمام شعوبها.

الضغط الشعبي تزايد في مصر والمغرب والبحرين وغيرها، وأصبحت الإدانات العربية لإسرائيل موحدة بصورة نادرة. تركيا سبقت الجميع بقطع العلاقات التجارية وإغلاق أجوائها أمام الطائرات الإسرائيلية. الإمارات وجّهت تحذيراً صريحاً بأن ضم الضفة "خط أحمر" ومنعت شركات إسرائيلية من المشاركة في معرض دبي للطيران، ما أجبر حكومة نتنياهو على سحب مشروع الضم من جدول أعمالها.

تعتبر هذه الخطوات تلميحاً إلى أن "الدبلوماسية الخشنة" بدأت تظهر. الإمارات اكتفت باستدعاء نائب السفير الإسرائيلي بعد ضربة الدوحة، لكن مجرد التلويح بوقف العلاقات الاقتصادية أو الدبلوماسية قد يشكّل دافعاً قوياً لنتنياهو وترامب نحو تغيير المسار.

العلاقات التجارية بين إسرائيل وشركاء "اتفاقيات أبراهام" قوية، لكن قيمتها السياسية والمعنوية أكبر. خسارة هذه العلاقات ستضرب نفسية المجتمع الإسرائيلي وتُعد انتكاسة لنتنياهو وترامب اللذين روّجا للاتفاقات كمرحلة جديدة من القبول الإقليمي.

القادة العرب ليسوا مضطرين لقطع العلاقات فوراً. مجرد إظهار جدية النوايا يفرض على إسرائيل التراجع، كما أثبتت استجابتها لتحذير الإمارات بشأن الضفة. البيان الختامي للقمة تضمّن 25 نقطة، بينها الدعوة لفرض عقوبات ووقف صفقات السلاح وإعادة النظر في العلاقات الدبلوماسية إذا واصلت إسرائيل اعتداءاتها، ما يمثل رسالة إنذار واضحة.

ترى أبركرومبي وينستانلي أن المنطقة تقترب من لحظة "لا مزيد من الأعمال كالمعتاد". إذا لم تنجح الإيماءات الإيجابية في ردع إسرائيل، وإذا لم تكفّ عن قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، فربما يحين وقت فرض كلفة حقيقية على سياساتها.

https://www.atlanticcouncil.org/blogs/new-atlanticist/are-arab-nations-going-to-impose-real-costs-on-israel/